تنجذب العين دومًا تجاه الضوء المبهر وتغفل عما سواه بمن يلتصق به أو يكون بجواره وهو الوصف اللائق لصعلوكنا شيبوب بن شداد الذي عاش في كنف بطل عملاق وهو أخوه عنترة بن شداد فتهافت الجميع على تلقف أخبار البطل وأهملوا سيرة السنيد.
صعلوكنا اختار حياة الظل وفضل أن يكون في كنف أخيه وساعده الأيمن يقف بجواره إذا اشتدت به الملمات، عونًا له في الشدائد،مستمعًا له في لحظات الشجن كاتمًا على أسرار حبه مع ابنة عمهما عبلة.
عانى شيبوب كثيرًا حين غاب عنترة وظنه الجميع ميتًا إلا أن شيبوب ظل على يقينه بأن عنتر حي، عنتر حي وقادم إلا أن الجميع كان ينظر له كما ينظرون إلى طفل أبله لا يفقه من الحياة شيئًا ظلوا يسخرون منه حين يجيء أو يروح، دفعوا إليه أطفالهم ليزفوه في شوارع الحي: العبيط أهو العبيط أهو وهو يردد عنتر حي عنتر حي.
إلا أن المعاناة الأشد التي طالت شيبوب وكانت ملازمة له في وجود عنترة أو غيابه هي إهمال النساء له فلم يكن فتى أحلام أي منهن في يوم من الأيام وكان إذا ما وجد الغرام مشتعلا بين أخيه وبين عبلة كان يشعر أن هناك شيئًا ناقصًا في حياته ألا وهو النساء إلا أنه كان لا يجيد فن المغازلة فحين تلفت انتباهه إحداهن وما أكثرهن كان يذهب إليها مغازلا بجملته الشهيرة «إنت تقلعيلي عين وأنا أقلعلك عين ونعيش عور إحنا الاتنين»، فمنهن من كانت تصرفه بالذوق كما تصرف طفلًا نزقًا بقطعة حلوى، ومنهن من كانت تستعمل السلاح الشهير «أبو وردة» تخلعه من قدمها لتنهال عليه ضربا، ومنهن من تطلب منه الانتظار حتى تأتي بمن يقلعله عين ويعيش أعور وحده لأنه تجرأ ونظر إليها.
حين جاء عنترة من سفره البعيد وأيقن الناس أن شيبوب كان هو الوحيد الذي على حق وأن عنتر حي اختلفت نظرة البعض إليه، وضخم هذه النظرة الثروة التي جاء بها عنترة من بلاد العراق ونفط العراق فلابد أن ينال شيبوب من الحب جانبا من ثروة أخيه من النوق الحمر فانجذبت إليه إحداهن وطلبت مواعدته في خيمتها وحينها كانت محفظته معمرة وفي لحظات الحب التي تبادلاها فاجأهما أخوها وطلب من شيبوب ألا يفزع وأن يعطيه من محفظته المال لأن به لوثة عقلية وبالفعل أخذ يخرج له المال والآخر يقول له عايز دبابات عايز صواريخ، وشيبوب يعطيه المزيد من المال إلا أن الأخ أعاد له أحد الدنانير وقال له لا أريد هذا الدينار لأن عليه صورة صدام ودا أعدموه من زمان ومش هينفع دلقوتي، إنه مضروب، فأيقن شيبوب أن هذا الأخ يدعي الجنون وأن هذا كمين أعد له باحترافية شديدة لنهب أمواله ولابد من الخروج منه فادعى شيبوب الجنون ونكش شعره وأحولت عيناه وأخذ يصرخ كالمهبول كتاكيت كتاكيت عايز كتاكيت فاخذوا يعطوه المال خائفين منه فاسترد ماله ونفد بجلده.
ورغم كل ما مر به شيبوب إلا أنه كان يفتخر دوما بأنه أخو البطل عنترة بن شداد من جهة الأم ومساعده واشتهر برماية السهم والقوس ويقال إنه كان عداء سريعا جدًا إذا عدا لحق بالغزلان.
إلا أن زبيبة أم عنترة كانت دائما تذكره بأصله وتقول له أنت من نسل حبشي غير عربي ونحن نقول لك ابن شداد مجازا وليس لك أي علاقة به إلا كونك عبدًا له، إلا أن عنترة كان يكن محبة خاصة لشيبوب الذي حماه من الموت في عدة مرات أشهرها قتله لبسام وكان عبدا عند الربيع بن زياد عند اقترابه من عنترة لقتله في إحدى المعارك وسبقه شيبوب بإحدى نباله وأرداه قتيلا قبل قتله لعنتر.