ساكن فى العمارة دى بقالى سنة أو أكتر
مش بختلط بحد من السكان و خصوصاً إن ظروف شغلى بتخلينى مقعدش فترة طويلة ف البيت
فى مرة و أنا راجع من شغلي بليل ، يدوب دخلت من باب الشقة لقيت الباب بيخبط
- مين ؟!
- أنا يا أستاذ محمود ، عبد القادر جارك
- خير يا أستاذ عبد القادر ، إتفضل
دخل أستاذ عبد القادر رغم إنها كانت عزومة مراكبية
- أنا عارف الوقت متأخر بس أنا كنت طالع وراك قولت عيب نبقى جيران و منتعرفش ع بعض
- والله ده انا يحصلي الشرف ، أعملك شاى ؟!
- لا أنا هقوم بقى ، أنا ساكن فى الشقة اللى فوقك ع طول ، تصبح ع خير
- و أنت من أهله ، فرصة سعيدة
وصلته لحد الباب و قفلت الباب وراه ، خدت دش و دخلت المطبخ عملت كوباية شاى و ساندوتش و دخلت أتفرج ع التلفزيون لحد ما أروح فى النوم زى عادتى ، لقيت مفاتيح الأستاذ عبد القادر
" أومال هو فتح بإيه "
أكيد إتكسف يخبط تانى أو ممكن يكون خبط و أنا مسمعتش !! تلاقى حد من مراته أو عياله فتحوله أكيد يعنى مش هينام فى الشارع
تانى يوم و أنا نازل الشغل الصبح
- صباح الخير يا عم فتحى
- صباح النور يا بشمهمدس
- بص يا عم فتحى ، دى مفاتيح أستاذ عبد القادر نساها عندى إمبارح أما تشوفه إبقى إديهاله
- عنيا يا بيه ، بس أومال هو فتح شقته بإيه ؟!
- تلاقى مراته ولا عيل من عياله
- اه ، بس أستاذ عبد القادر معندوش عيال و مراته سافرت أول إمبارح بليل و لسه مرجعتش !!
- يبقى أكيد معاه مفتاح تانى يا عم فتحى ، أومال يعنى هينام ع السلم
- اه تلاقيه برضو ، بس هو شاف حضرتك فين و إمتى ، ده حضرتك مبتنزلش غير الصبح بدرى و مبترجعش غير وش الفجر ؟!
- آه ما هو كان راجع الفجر برضو و طالع ورايا فقال يسلم عليا ، راجل جدع والله و أصيل
- بس أستاذ عبد القادر منزلش إمبارح من البيت خالص ، و لما إنت رجعت الفجر محدش رجع بعديك
- أكيد طلع و إنت مخدتش بالك يعنى يا عم فتحى ، المهم إنت متنساش
سيبته و مشيت ، و أنا راجع بالليل قابلت عم فتحى
- إزيك يا أستاذ محمود ؟ ، حمدلله ع السلامة ، كويس إنك رجعت بدرى النهاردة
- الله يسلمك يا عم فتحى ، خير !
- أنا إستنيت إستاذ عبد القادر ينزل بس منزلش خالص النهاردة ، و طلعت خبطت عليه محدش فتح
- طيب هات المفتاح يا عم فتحى و أنا هطلع أديهوله
خدت المفتاح و قولت أطلع للراجل الطيب ده أديله مفتاحه و أسأل عليه
و صلت عند باب شقة أستاذ عبد القادر خبطت و محدش بيفتح قعدت أرن الجرس كتير و برضو مفيش فايدة
و انا قدام الباب لقيت حد من الجيران نازل
- لو سمحت أنا الأستاذ محمود جاركم ، ساكن هنا فى العمارة ، هو حضرتك مشوفتش الأستاذ عبد القادر النهاردة ؟!
-أهلا و سهلا بحضرتك ، لا والله مشوفتهوش ، بس أنا معايا رقمه لو عاوزة
- اه أبقى شاكر حضرتك جداً
خدت الرقم و سجلته و شكرت الراجل
نزل الراجل سلمتين و نادى عليا
- أستاذ محمود ، متعرفش عم فتحى البواب راح فين ؟!
-.......
أصل بقاله ٣ أيام محدش شافه و باب أوضته مقفول بالقفل ؟!
-.......
- مالك يا أستاذ محمود في حاجة ؟!
- يا أستاذ ....
- كمال
- يا أستاذ كمال أنا لسه طالع دلوقتى و عم فتحى كان قاعد قدام الباب ، و الصبح و أنا رايح الشغل كان بيكنس قدام العمارة ، و أول إمبارح و أنا راجع الفجر كان برضو موجود ، ممكن حضرتك اللى مبتاخدش بالك منه ، أو مش بيصادف إنك تشوفه و إنت نازل أو و إنت طالع .
- يمكن
بصلي شوية كده بإحتقار كأنى بكدبه و أخد بعضه و نزل
فتحت الموبايل و إتصلت بأستاذ عبد القادر لقيته التليفون مقفول ، كنسلت و فى نفس اللحظة لقيته هو بيتصل بيا
- ألو
- ألو ، إزيك يا أستاذ محمود عامل إيه ؟!
- الحمدلله يا إستاذ عبد القادر ، أنا طلعت خبطت على حضرتك عشان أديلك مفاتيح حضرتك اللى نسيتها عندى بس ملقتكش .
- اه ده أنا بره و لسه مرجعتش ، و أنا راجع هفوت عليك أخدهم منك .
- ماشي أنا هستناك ، أستاذ عبد القادر ، هو إنت عرفت إن أنا اللى بكلمك منين ؟! ألو ، ألوووو
الخط قطع ، أخدت بعضى و نزلت شقتى ، دخلت و قفلت الباب ورايا و مشيت خطوتين لقيت الباب بيخبط ، رجعت بصيت من العين السحرية ملقتش حد ، مشيت خطوتين تانى بعيد عن الباب لقيته خبط تانى ، رجعت بصيت من العين السحرية تانى ، لقيت أستاذ عبد القادر !!
أول مره فى حياتى أشك فى قوايا العقلية و أكدب عينى ، ده انا لسه كنت بكلمه من دقيقة ، لحق يرجع البيت ، و إزاى لما بصيت من العين أول مره مشوفتهوش ، يمكن كان واقف فى زاوية العين السحرية مجابتهاش ، أو يمكن العين السحرية بايظة ، أو يمكن عينى أنا اللى بايظة
- يا أستاذ محمود ؟! افتح انا عبد القادر
حاولت أدارى التوتر و فتحت الباب
- أزيك يا أستاذ عبد القادر ؟! إتفضل
دخل أستاذ عبد القادر بس المرادى مكنتش عزومة مراكبية ولا حاجة
- بس إنت جيت بسرعة كده إزاى ، ده وسط البلد لحم و الناس فوق بعضيها ، ولا تكونش خارق يا حاج و أنا معرفش
ابتسم إبتسامة مصطنعة كده كإنه بيقولى إيه ياض السماجة دى ، ما أنا سمج برضو إيه اللى أنا بقوله ده
- تعبتك أنا بالمفاتيح دى ، متأخذنيش
- لا ولا يهمك يا أستاذ عبد القادر أنا زى إبنك برضو
مديت إيدى أديله المفاتيح ، وقعت ع الترابيزة اللى قدامه أخدها حطها ف جيبه
- أستأذن أنا بقى
و قام من مكانه و راح ناحية باب الشقة
- ليه كده ما بدرى
- معلش إنت راجع من الشغل تعبان و أنا كمان ، متخافش هشوفك كتير
- إن شاء الله ، شرفت ،، أستاذ عبد القادر هو أنا ممكن أسألك سؤال
- اه إتفضل
- هو إنت عرفت إن أنا اللى كنت بكلمك منين ؟!
ضحك ضحكة ساخرة كده و قالى
- هو لازم تعرف يعنى طب مانا مقولتلكش جيبت رقمى منين
- أيوه بس أنا محدش معاه رقمى إنما إنت قديم هنا فى العمارة يا حاج ، و ع العموم أنا خدت رقمك من أستاذ كمال اللى فى السابع
- أستاذ كمال اللى فى السابع ده مات من سنتين
الدم نشف فى عروقى و إتمسمرت مكانى ، مبقتش عارف أنطق من الصدمة ، هو أنا إتجننت ولا إتلبست ولا إيه بالظبط ، أخدت وقت على ما رجعت لوعي تانى ، كنت لسه فاتح الباب و واقف ، قفلت الباب و مشيت للصالة و أنا بجرجر رجلى بالعافية ، قعدت على الكنبة و علامات الذهول لسه على وشي و دماغى هتقف من التفكير ، ببص قدامى لقيت محفظة ، مش بتاعتى ، فتحتها لقيت فيها بطاقة الأستاذ عبد القادر ، مبقتش عارف أعمل إيه ، من غير ما أفكر كتير خدت البطاقة و قولت أطلع لعبد القادر ، لازم يفسرلي اللى حصل ده
طلعت الشقة و قعدت أخبط كتير محدش بيفتح ، طلعت التليفون و قولت أكلمه لقيت تليفونه مقفول ، بعدها على طول لقيته بيكلمنى
- ألو
- ألو ، أيوه يا محمود يابنى هو أنا مش قولتلك إنى جاي فى السكة و لما أجى هعدى عليك أخد منك المفاتيح
.............
- ألو ، ألوو ، محمود إنت سامعنى ؟!
-..........
نزلت شقتى لميت حاجتى المهمة ف شنطة صغيرة و قفلت الشقة كويس و نزلت أجرى ع السلم و أنا بنهج و عرقان و ف حالة يرثى لها ، مش عارف أفكر كويس بس كل الأحداث بتقولى إجرى
و أنا نازل ع السلم بجري خبطت ف راجل عجوز كان نفسي أتأسف والله يا حاج بس أنا تقريباً بقيت مختل و بشوف ميتين و مش بعيد تكون إنت كمان ميت ف معتقدش هيبقى له لازمه الأسف
- بتجري ليه ، متجريش ، مهما جريت محدش بيهرب من قضاه
هديت خطوتى و لفيت عشان أعتذرله ع الأقل ، لقيته واقف ورايا ، مال عليا و هو بيبرقلي و قال بصوت هادى
- مهما جريت محدش بيهرب من قضاه
فضلنا نبص لبعض كتير ، نظرات العجوز كانت بتقولى إنى مهما جريت و هربت ف أنا خلاص إتورطت ، هو أنا مش عارف إتورطت فى إيه بس مما لا شك فيه إنها مصيبة سودا
- محمود ، محمود ؟!
بصيت ورايا لقيت عبد القادر
- مالك يابنى واقف ع السلم لوحدك كده ليه ؟
بصيت ورايا تانى ملقتش العجوز ، بعدت عبد القادر و نزلت من غير ما أرد عليه
- يا محمود ، المفاتيح طيب !
لفيت
- المفاتيح مش معايا ، أنا إديتهالك
- إديتهالى إزاى ، أومال إيه اللى ف إيدك دى ؟
بصيت لقيتنى مكلبش فى المفاتيح اللى أنا إديتها لعبد القادر من شوية ، حدفتهاله و طلعت من باب العمارة ، لقيت عم فتحى قاعد بيشرب شاى فى الشارع
- السلام عليكم
-
مردش ف الفضول خلانى ألف أشوفه ، ملقتهوش
دورت العربية و طيرت ، بالنسبالي الموقف كان شبه الحلم بس حلم مطول حبتين ، حلم قعد يومين ، شبه المواقف اللى كانت بتتحكيلنا زمان عن واحد شاف عفريت ، واحد شاف طيف ، بس أنا محظوظ شويتين ف شوفت بدل الواحد أربعة ، أو يمكن أنا اللى مجنون ، فضلت سايق كتير لحد ما لقيت نفسي قدام بيت حسن صاحبي ، صاحبي الوحيد .
بصراحة حسيت نفسي بايخ أوى ، بس ده صاحبي برضو عمره ما هيزعل ولا يتضايق ، و كمان أنا معنديش مكان أروحه غير هنا
- مين ؟!
- أنا محمود يا حسن
فتح الباب و هو مش مصدق
- إيه يا راجل الغيبة الطويلة دى
و خدنى بالحضن و شال منى الشنطة و دخلت
- معلش يا حسن جايلك فى وقت متأخر
- ولا يهمك يا جدع ما إنت طول عمرك بتيجى متأخر ، بعدين إحنا صحاب متقولش كده ،، مالك كده شكلك مش مظبوط ؟!
- أنا سيبت البيت ، بيحصل هناك حاجات غريبة ملهاش تفسير
- حاجات زى إيه ؟!
حكيتله اللى حصل كله ، من ساعة أول خبطة على باب الشقة لحد ما لقيت نفسي تحت بيته ، فى الأخر قعدت أبكى ، بكيت كأنى عيل صغير كان تايه من أمه فى السوق و ما صدق لقاها
طول عمرى فاشل ف تكوين صداقات و معرفش إيه السبب ، ف مليش غير حسن ، أو يمكن عشان صحاب من و إحنا صغيرين ف مهانتش عليه العشرة و مبعدش زى كل الناس اللى عرفتها ، طول عمرنا كنا سوا لحد ما ظروف الشغل و الحياة بعدتنا
- إهدا يا محمود ، لازم تهدا عشان نفكر فى اللى حصل ده بالعقل
- أنا مش عاوز أفكر ولا أنيل ، أنا ما صدقت إنى مشيت من البيت ده ، حتى حاجتى اللى هناك مش عاوزها
- و إيه الجديد يا محمود ، ما إنت طول عمرك بتهرب
- مش فاهم ؟! يعنى إيه طول عمرى بهرب
- ناسى إنك هربت زمان من خيالاتك اللى بتتحق بعد ما أبوك مات ، ناسي إنك شوفته و هو بيموت قبل ما يموت ف قررت تهرب من أفكارك بالنوم بس قدرك مسابكش و بقيت تحلم ، زى ما حلمت كده بحادثة أخوك اللى مات فيها بالتفصيل الممل و صحيت من النوم على صوت أمك و هى بتقولك إن أخوك عمل حادثة و فى المستشفى ، فقررت تهرب من النوم بالأدوية و بقيت تقعد بالأيام مبتنامش ، فى كل مرة كنت بتهرب من قدرك كان بيطاردك ، ولا مره قررت تواجه ، ولا مره قررت تستفيد من الحاجات دى ، مكنتش عارف إنك بتهرب من قدرك لقدرك و إن اللى بيحصل ده مكتوبله إنه يحصل يعنى إنت مبتغيرهوش ولا حاجة إنت بتهلك نفسك ع الفاضى ، زى كده مثلا ما قررت إنك تهرب من الدنيا كلها و تروح تعيش فى بيت مهجور لوحدك .
- إيه اللى إنت بتقوله ده يا حسن ، مفيش حاجة من اللى إنت بتقولها دى حصلت
سحبنى من أيدى و دخلنى أوضة
- فاكر الأوضة دى ؟! أوضتك لما كنت عايش معايا
- مش فاكرها ، مش........
قربت من الجدار
- إيه الصور دى ؟!
- الصور دى ،، بصلها كويس كده
مد إيده شال الصور من ع الحيطة و قلبها ، الأستاذ عبد القادر ، الأستاذ كمال عبد القادر ، الشيخ مهران
مد إيده فى جيبى و طلع البطاقة من محفظتى
خانة الأسم : محمود عبد القادر مهران
- عرفت الناس اللى بتشوفها دى تبقى مين !!
- حسن إنت إتجننت صح ؟! إنت قعدتك لوحدك جنتك و عاوز تجننى معاك ،، الظاهر كده ان شغلك مع المجانين عداك
- محدش بيهرب من قضاه يا محمود
خدت شنطتى و نزلت ، و أنا نازل قابلت الحاج مصطفى البواب
- أستاذ محمود ، عاش من شافك عامل إيه و إيه أخبارك ؟
- الحمدلله يا عم مصطفى إنت عامل إيه ؟
- كويس يا إبنى ، فين أراضيك يا محمود ، من ساعة ما أستاذ حسن الله يرحمه إتوفى و إنت محدش بيشوفك خالص
-..