المشهد الخامس
«المكان: السفارة العراقية ببيروت حيث تعمل بلقيس ملحقةً ثقافيةً، الزمان: الخامس عشر من ديسمبر 1981».. يروي نزار قباني هذا المشهد: «كنت في مكتبي بشارع الحمراء حين سمعت صوت انفجار زلزلني من الوريد إلى الوريد ولا أدري كيف نطقت ساعتها: ياساتر يارب، بعدها جاء من ينعي إليّ الخبر؛ السفارة العراقية نسفوها، قلت بتلقائية بلقيس راحت، شظايا الكلمات مازالت داخل جسدي، أحسست أن بلقيس سوف تحتجب عن الحياة إلى الأبد». كتب نزار في بلقيس مرثيّة من أعذب ما كتب، واتهم فيها تاريخًا من القبلية والجاهلية العربية بقتل زوجته وحبيبته.
المشهد السادس
في مكان تفجير سفارة العراق ببيروت ظهر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وظل يبحث وسط الأنقاض مُدة خمسة عشرة يوماً «أين أنتِ يا بلقيس؟ رُدي على أبيك يا وردة الثورة الفلسطينية»، غير أنه أخيراً جلس ليحكي قصة ابنته بلقيس التي اغتالها تفجير السفارة العراقية، حيث كانت إحدى المنضمات خلال دراستها في المرحلة الثانوية إلي صفوف الثورة الفلسطينية، وتدربت على يده وآخرين على حمل السلاح وبالفعل شاركت فيما عُرف بـ«معركة الكرامة» في صفوف الجيش الأردني والمجاهدين الفلسطينيين في عام 1968، الذين نجحوا في صد العدوان الإسرائيلي عن احتلال الضفة الشرقية لنهر الأردن.
المشهد السابع
في أغسطس الماضي، أعلنت عائلة بلقيس الراوي عن استعدادها لمقاضاة نوري المالكي، نائب رئيس الجمهورية العراقية، أمام القضاء الدولي، في قتل ابنتهم بلقيس، لمعرفة مدى تورطه في حادث تفجير السفارة العراقية ببيروت، حيث كان وقتها – حد قولهم- أحد أعضاء الجناح العسكري لحزب الدعوة العراقي، المتهم بحادث تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981بسيارة مفخخة، والذي راح ضحيته 60 قتيلاً وعشرات الجرحى من مرتادي السفارة.
يقول نزار قباني في قصيدته «بلقيس» التي كتبها بعد استشهاد زوجته واغتيالها:
«نامي بحفْظِ اللهِ .. أيَّتُها الجميلَةْ
فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ ..
والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ
سَتَظَلُّ أجيالٌ من الأطفالِ ..
تسألُ عن ضفائركِ الطويلَةْ ..
وتظلُّ أجيالٌ من العُشَّاقِ
تقرأُ عنكِ . . أيَّتُها المعلِّمَةُ الأصيلَةْ …
وسيعرفُ الأعرابُ يوماً ..
أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرسُولَةْ ..»